” ريف رس” 4 اكتوبر 2025
مصطفى تلاندين
ما حدث في الأيام الأخيرة من خروج شبابي واسع في مختلف المدن المغربية ليس مجرد حراك عابر، بل هو إعلان صريح عن ميلاد وعي سياسي جديد يتجاوز القوالب التقليدية.
لقد ظلّ الخطاب الرسمي والنخبوي لسنوات طويلة يتحدث عن “عزوف الشباب عن السياسة”، مستندًا إلى غيابهم عن الأحزاب وشبيبـاتها، وكأن السياسة لا تُمارس إلا داخل المقرات وببطاقات الانخراط.
لكنّ ما كشفه الواقع اليوم، هو أن هذا “العزوف” لم يكن سوى رفضٍ لنموذجٍ متقادم في العمل السياسي، لا يسمع ولا يمثل.
شباب اليوم لم يغادر السياسة، بل غادَر الشكل الممسوخ منها، حين تحوّلت التنظيمات الحزبية إلى فضاءات مغلقة، تدور في فلك الزعامات وتعيد إنتاج الولاءات بدل الأفكار.
حتى الوجوه السياسية لا تتغير، والوعود الحزبية هي ذاتها تتكرر كل موسم انتخابي بخطابات رنانة فوق المنصات وعلى الورق، في حين يزداد واقع الشباب هشاشة وضبابية. هذا الجيل لم يعد يثق في الشعارات الجاهزة، لأنه جرّبها مرارًا ولم يرَ منها سوى التكرار والخيبات.
ومع ذلك، فإن هذا الوعي الجديد لا بد أن يتعزز بوعي أعمق، يدرك فيه الشباب أن التغيير لا يكون فقط بالاحتجاج، بل أيضًا ببناء البدائل والمشاركة الواعية والمسؤولة في صياغة المستقبل.
جيل اليوم يحتاج إلى وعي نقدي، لا يكتفي برفض القديم، بل يسعى لخلق الجديد.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات الزوار