ريف ريس ” 31 يناير 2025
بقلم: الاستاذ مولاي الحسن بنسيدي علي
حين تضيق السبل بالجلادين، وتضيق الأرض بما رحبت تحت أقدام المستضعفين، لا يجد الظالمون سوى سياسة الإجلاء والتشريد وسيلةً للتهرب من جرائمهم، ملبسينها ثوبَ الإنسانية الكاذب، ومُسوّغينها بحجج إعادة الإعمار وعلاج الجراح التي هم أصلًا من تسبب بها.
هكذا، وعلى وقع الدمار الذي ألحقوه بشعب أنهكته الحروب والقصف والتجويع بغزة العزة، جاءت المقترحات المشبوهة بتهجير هذا الشعب خارج حدوده، لتشتيته في أصقاع الأرض، ظاهريًا تحت ذريعة المساعدة، لكن في العمق لا شيء سوى محاولة محو هويته الوطنية، وجعل أرضه غنيمة سهلة لمن أوغلوا فيها تخريبًا ونهبًا.
لكن هذه المشاريع لم تقتصر على التهجير العشوائي إلى دول متفرقة، بل امتدت إلى مقترح أكثر خبثًا، يرمي إلى نقل الشعب المقهور إلى صحراء بيد دولة عظيمة، لها تاريخ عريق وحضارة ضاربة في الجذور اسمه المغرب، وبعيدة عن بؤر الصراع، في خطوة تهدف إلى استكمال فصول المؤامرة التي يحيكها الكابرانات ويغذونها ، بحيث تُترك الأرض نهبًا للمحتلين، بينما يُطمس وجود أصحابها في المنافي القسرية، حيث تتلاشى آمال العودة، ويضعف الإحساس بالانتماء تدريجيًا.
غير أن الشعوب التي نُسجت من خيوط الكرامة، والتي عايشت المحن وصقلتها التضحيات، تدرك أن الأرض ليست مجرد تراب يُباع ويُشترى، بل هي العرض والشرف والكرامة، وهي الامتداد الطبيعي لوجودها، وبدونها تفقد روحها وهويتها.
لذلك، جاء الرد قاطعًا من الأحرار بغزة والمغرب: “لا مساس بالأرض التي سقيناها بالدم، ولن نقبل بصفقة تهجير مهما تلونت أقنعتها”.
لقد وعى أصحاب الحق فخّ المؤامرة، وأبوا أن يكونوا ضحايا مشروع استئصالي يهدف إلى اجتثاثهم من جذورهم التاريخية، فسقطت ورقة التوت عن المتآمرين، وانقلب السحر على الساحر.
التاريخ مليء بالشواهد على محاولات اقتلاع الشعوب من أوطانها، لكن لم ينجح أي مشروع تهجيري إلا حيث غاب الإصرار والمقاومة. أما حين يتمسك الأحرار بأرضهم، فإن كل المؤامرات تتحطم على صخرة الصمود، وتتحول مخططات الأعداء إلى سراب.
فالأرض ليست ملكًا لجيل واحد، بل هي أمانة الأجداد للأحفاد، ومن يتنازل عنها، يتنازل عن مستقبله ووجوده.
ولذا، فإن القضية ليست مجرد نزاع على أرض، بل معركة على الوجود ذاته وستبقى غزة للغزاويين والصحراء المغربية للمغاربة الى ان يرث الله الارض ومن عليها .
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات الزوار