” ريف رس” 30 اكتوبر2024
وكالات
اهتز الشارع في مدينة برج بوعريرج بشرق العاصمة الجزائر، على وقع حادثة العثور على إمام أحد المساجد مشنوقا فيما يبدو أنه فعل انتحاري غير مسبوق في أوساط الكوادر الدينية.
وأظهرت رسالة كان قد وجهها المعني للوصاية تشكيه من ضغوطات وتحرشات من محيط المسجد، وهي الظاهرة التي باتت تتكرر في بعض المساجد الجزائرية نتيجة الخلافات والصراعات الصامتة حول التوجهات والمرجعيات الدينية والمذهبية.
وانضافت حادثة انتحار إمام مسجد بلدة زمورة بمحافظة برج بوعريريج إلى مسلسل حوادث العنف التي باتت تسجل في بعض المساجد والمؤسسات الدينية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، كنتيجة لاندلاع خلافات صامتة بين المؤطرين من أئمة ولجان دينية ومسؤولين في القطاع، تكون خلفيتها في الغالب تباينا في رؤى دينية، أو ضغوطا لفرض توجه معين في تركيبة الفريق العامل أو الخطاب الموجه للمصلين.
وفي أول رد فعل على انتحار إمام برج بوعريريج، نظمت نقابة الأئمة وقفة تضامنية، تم خلالها مناشدة السلطات العليا للبلاد من أجل التدخل لحماية الإمام من كل الأخطار والتدخلات التي تحيط به، فضلا عن المطالبة بالتحقيق وكشف ظروف وملابسات الانتحار، وتجميد الجمعيات الدينية إلى غاية إعادة النظر في تداخل صلاحياتها مع عمل الإمام.
وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا شكوى وجهها الإمام المنتحر إلى السلطات الدينية المحلية، طلب فيها التدخل لحمايته من تحرشات ومضايقات يتعرض لها من طرف بعض أفراد الجمعية الدينية، الأمر الذي يعزز فرضية الخلافات المتصاعدة داخل المؤسسات الدينية، نتيجة رغبة بعض الأطراف في الاستئثار وفرض خط ديني معين على المؤسسة الدينية.
وأكد رئيس نقابة الأئمة جلول حجيمي، في تصريح لوسائل إعلام محلية، على أن “ما وقع لإمام ولاية برج بوعريريج أمر مؤسف وغير طبيعي، وأن هناك العشرات من الحالات المشابهة في عدة ولايات، على غرار أدرار والأغواط والمسيلة.. وغيرها، والتي تعبر عن المشاكل الواقعة بين الجمعيات الدينية والأئمة بسبب تغول بعض الجمعيات على الإمام”.
ولفت حجيمي إلى أن “الحادثة تركت تذمرا واسعا وسط موظفي القطاع الذي نريده أن يكون رمزا للاعتدال والوسطية، وهي نتاج أربع سنوات من الضغط على الإمام، ولذلك فإن الحسم في القضية متروك بكل ثقة للجهات القضائية والأمنية المختصة، للكشف عن ظروفه وملابسات الحادثة”.
وخلال الوقفة التضامنية مع الضحية، ناشد المتحدث السلطات العليا للبلاد من أجل التدخل لحماية المرجعية وأبناء المرجعية المعتدلة من جميع الأخطار والاعتداءات الحاصلة، عبر تفعيل حقيقي لقانون الإمام، كما ألحّ على تجميد نشاط الجمعيات الدينية حتى يتم إعادة النظر في قانونها الجائر والمجحف في حق الإمام وموظفي القطاع بالكامل، ولذلك لا بد من الفصل بين دور الجمعيات الدينية وصلاحياتها وبين عمل الإمام.
وكان المرتادون لمسجد علي ابن أبي طالب في بلدية برج زمورة ولاية برج بوعريريج، قد عثورا فجرا على الإمام جلال مزيان، جثة هامدة معلقة بحبل داخل المسجد.
وذكرت تقارير محلية، أن الإمام المذكور، كان قد راسل مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية برج بوعريرج، للمطالبة بحمايته ووقف ضغوط أفراد من الجمعية الدينية، وذكر في شكواه، أنه “يعاني من ضغوطات من الجمعية الدينية، ومن استحواذها على مفاتيح المسجد والتدخل في تسيير شؤونه رغم أنها تخلت عنه منذ سنة ونصف السنة”.
وقال الإمام في مراسلته “أحيطكم علما أنني الموظف الوحيد في المسجد، فإنني أقوم بالآذان والصلوات الخمس وبالتعليم القرآني والدروس الليلية بعد المغرب لاسيما الخطب ودروس الجمعة، والسهر على إطفاء المصابيح في المسجد.. وغيرها، من المهام الأخرى”.
ودعا الإمام الراحل، مدير الشؤون الدينية إلى “التدخل من أجل توظيف قيّم أو مؤذن أو أستاذ تعليم قرآني، خاصة أن الجمعية منعت المتطوعين لأداء العمل الديني في المسجد، وحظرت عليهم أيّ نشاط بغية عدم مساعدتي”، فضلا عن “تهديده وإهانته والقذف في شخصيته من طرف رئيس الجمعية”.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات الزوار